وسيلة محمود الحلبي
كنوز رمضانية مختارة من الشعر الفصيح احتفالاً بقدوم شهر رمضان المبارك الذي يستقبله المسلمون في أنحاء المعمورة بكل الحفاوة والمحبة والإخلاص ولم لا يكون كذلك وهو شهر القرآن، والقيام والغفران والمغفرة.
ففي شهر رمضان تجود قرائحهم ويتواصل عطاؤهم الشعري الهادف فهو بالنسبة لهم الزائر الذي يحيا بالسلام والضيف الذي يستقبل بالترحاب وهو العزيز الحبيب والمعلم الواعظ، وجامع الشمل وموقظ الإيمان.. فليس غريباً أن يحسنوا استقباله وأن يلهجوا بذكره والإشادة به وأن ينطلق خيالهم في جوه فرحين مستبشرين ومعبرين عن هذه الفرحة بما يملكون من وسائل التعبير وأنواع البيان. وللشهر الفضيل أثر بالغ في تحريك الشعراء وإلهام مواهبهم الفنية، فقد قالوا فيه أجمل الشعر في استقباله ووداعه، كما أنهم خصوا ملامحه البارزة كغزوة بدر وليلة القدر، وصلاة التراويح بكم هائل من القصائد. كذلك لم ينسوا المظاهر الرمضانية المميزة كالحلويات والفانوس والمسحراتي وغيرها. فيقول الشاعر عبد القدوس الأنصاري مرحباً بقدوم هذا الشهر الفضيل:
تبديت للنفس لقمانها
لذاك تبثك وجدانها
وتنير بين يديك الزهور
تحييك إذا كنت ريحانها
إذا لحت هب نسيم السماء
فانشر في النفس إيمانها
فلا غزو إن عظمتك النفوس
وإن رتلت لك ألحانها
فأنت ربيع الحياة البهيج
تنضر بالصفو أوطانها
وأنت الطبيب الحكيم الذي
يعالج بالصوم أحزانها
فأهلاً وسهلاً بشهر الصيام
يسل من النفس أدرانها
وأهلاً وسهلاً بشهر الصيام
ينقي عن النفس أضغانها
وأهلاً وسهلاً بشهر الصيام
يشعشع في الروح عرفانها
أما الشاعر مصطفى صادق الرافعي فيقول مرحباً بخير الشهور..
فديتك زائراً في كل عام
تحيا بالسلامة والسلام
وتقبل كالغمام يفيض حيناً
ويبقى بعده أثر الغمام
وكم في الناس من كلف مشوق
إليك وكم شجي مستهام
ولم أر قبل حبك من حبيب
كفى العشاق لوعات الغرام
ويأخذ الشاعر حسين عرب في قصيدة يستبشر فيها بقدوم رمضان مؤكداً أن الشعر ينتابه الإذعان والطاعة لجلال رمضان وعظمته..
والشعر والأفكار وهي عتية
ينتابها لجلالك الاذعان
ويقول في قصيدة أخرى مرحباً بخير الشهور:
بشرى العوالم أنت يا رمضان
هتفت بك الأرجاء والأكوان
لك في السماء كواكب وضاءة
ولك النفوس المؤمنات مكان
الشرق يرقب في هلالك طالعاً
يعنو لديه الكفر والطغيان
وبك استهام فؤاد كل موحدٍ
يسمو به الإخلاص والإيمان
سعدت بلقياك الحياة وأشرقت
واستهل منك جمالها الفتان
ويقول الشاعر يس الفيل:
رمضان أقبل يا مشاعر زغردي
أنا ما أزال بفيضك المتجدد
أخطو إلى ملأ الهدى
وبنهج أحمد أقتدي
ويقول آخر:
جاء الصيام فجاء الخير أجمعه
ترتيب ذكر وتحميد وتسبيح
فالنفس تدأب في قولٍ وفي عملٍ
صوم النهار وبالليل التراويح
أما الشاعر محمد مصطفى حمام فيقف وقفة رهيبة وإجلال فيقول:
أعظم بشهر الصوم من فرحة
للصائمين الصادقين الكرام
الصوم حرمان وزهد وكم
فيه لطلاب الهدى من مرام
والزهد أن تخلط به شهوة
تخلط حلالاً طيباً بالحرام
والصوم صبر عاصم فليكن
للناس بالصبر الجميل اعتصام
والصوم للروح غذاء وما
كان غذاء للجسوم الحسام
والصوم للشبعان وحي بأن
يبر بالجائع أو ذي السقام
أما الشاعر محمد ضياء الصابوني فيقول في هذا الشهر الفضيل:
رمضان إنك للقلوب شفاء
فيك السناء والجود والألاء
رمضان إنك بهجة ومحبة
وتسامح وتعاطف وإخاء
ما أسعد الإنسان في ظل التقى
والمؤمنون حقيقة سعداء
ما إن أطل على البلاد هلاله
حتى ازدهت وانتابها الخيلاء
أضفى عليها من روائع حسنه
فالأرض تزهو والزمان غناء
هذا هو رمضان.. هو بهجة للنفوس أيقظ قريحة الشعراء فأبدعوا بوصفه ووصف روحانيته وعظمته والفرح لاستقباله..
لحظة صدق: رمضان مرحباً ألف.. أنرت بيوتنا وقلوبنا ونفوسنا وملأتنا سعادة وأنساً وبهجة وصفاءً ونقاء..
تبديت للنفس لقمانها
لذاك تبثك وجدانها
وتنثر بين يديك الزهور
تحييك إذا كنت ريحانها
إذا لحت هب نسيم السماء
فانشر في النفس إيمانها
وكل عام وأنتم بخير..